حينما يجلب المكياج إلى العينين – أغلى نعم الخالق – وبالا خطيرا هنا يدق ناقوس الخطر محذرا من العواقب الوخيمة ... وسوف ألقي الضوء على مخاطر استعمال مستحضرات التجميل ولا سيما الكحل ذلك الساحر الأسود في تلك البقعة الحساسة من الوجه وعلى اشتراطات الأمان الواجب توفرها ضمانا لصحة وسلامة العينين.
منذ قرون مضت والإنسان يستعمل مستحضرات التجميل لأغراض تزيينية، وأقدم الأدلة تعود إلى حضارات المدينة في العالم القديم. في مصر وجنوب العراق، حرص الرجال والنساء على استعمال الكحل لتحديد العينين وللإيحاء بكبر حجمهما كوسيلة من وسائل الحماية من العين الشريرة. وهذا المرهم الأسود كثيف القوام يتكون من كبريتيد الرصاص المسحوق أو سلفات الأنتيمون. ومن أشهر الوصفات الهندية لإعداد الكحل مزج السخام من لمبة زيتية مع زيت الخروع مع التأكد أن الهباب المتواجد في قاع لمبة الزيت لا يحتوي على ذرات الغبار وألا تلوثت العينان .
ورغم حرص المصريون القدماء على وضع أحمر الشفاه وطلاء الأظافر في المناسبات الخاصة، إلا أنهم كانوا يحرصون على استعمال الكحل بصورة يومية وتحديد العينين به على هيئة اللوز أو رسم كعيون القطة، ولم يلجأ المصريون القدماء إلى الكحل بهدف الزينة فحسب بل أيضا لأهداف طبية علاجية أو سحرية أو روحانية. وقد عرفوا نوعين من الكحل :
1 – أدجو : المصنوع من حجر المالاكايت الأخضر ( خامة خضراء من النحاس الأحمر ) من سيناء التي كانت تحت سلطان (هاثور) آلهة الجمال والحب.
2 – ميسديميت : المصنوع من سبيكة رمادية داكنة من الرصاص مشتقة إما من كبريتات الأنتيمون أو كبريتات الرصاص ومصدرها مناجم أسوان والبحر الأحمر. وعادة كان يتم تجهيزه بمزج البودرة مع الدهون الحيوانية لتلصق بإطار العينين.
وقد عثر في مقابر الفراعنة على اختلاف طبقاتهم على أواني الكحل المصنوعة من خامات متعددة مثل الجلد والصدف والخشب والعاج ... وما كان يميز الغني عن الفقير هو شكل وعاء الكحل والخامة المصنوعة منها والجواهر المرصعة بها.
والكحل كان لوقاية العينين من الميكروبات ولردع الحشرات الطائرة ولحماية العين من الشمس الحارقة وكانوا يصفونه لعلاج العديد من أمراض العيون.والرسم حول العينين بالكحل كان أيضا لوقايتهما من الأرواح الشريرة، فهو ردع وقائي شخصي.
وللكحل قيمة روحانية ولا سيما للمرأة في شبه الجزيرة العربية وفي شمال أفريقيا تغلفه بالهيبة والاحترام.
والهدف الأساسي من وراء مستحضرات التجميل المخصصة للعينين إما أن تجعلهما أكثر جاذبية. والأمر الوحيد الذي لا يجب أن ترتكبه هذه المستحضرات هو إلحاق الضرر بالعينين. وإن كانت أغلب هذه المستحضرات آمنة عند استعمالها على الوجه الأمثل، إلا أن هناك بعض الأمور التي يجب مراعاتها عند استعمال هذه المستحضرات التي قد تضر بالعين نظرا لاحتوائها على إضافات لونية غير مصرح بها، والآن أعطيك بعض اعتبارات الأمان المتعلقة بماكياج العيون.
الأمان في النظافة!
في العادة تكون مستحضرات تجميل العينين آمنة عند شرائها، لكن سوء استعمالها قد يسمح للبكتيريا الضارة بأن تنمو وتجد مرتعا خصبا فيها.وبالتالي فأن استخدامها في محيط العينين حتما سوف ينقل العدوى. وفي حالات نادرة سببت المستحضرات الملوثة كف البصر بصورة مؤقتة أو دائمة لدى بعض السيدات.
إذا كنت تستعملين مستحضرات تجميل العينين، (( بنت القمر)) تدعوك لإتباع النصائح التالية :
1 – تجنبي استعمال مستحضرات تجميل العينين في حالة إصابة إحدى العينين بعدوى ما أو في حالات التهاب البشرة المحيطة بالعينين. انتظري حتى تبرأ هذه المنطقة الحساسة تماما. وتخلصي من كافة المستحضرات التي كنت تستعملينها أثناء الإصابة بالعدوى.
2 – احذري أن تنتقل البكتيريا المتواجدة على اليدين إلى العينين حتى لا تسبب العدوى، لذا احرصي على غسل اليدين جيدا قبل توزيع المكياج العينين.
3 – تأكدي أن كافة الأدوات والفرشاة التي تستعملينها في منطقة العينين نظيفة تماما.
4 – لا تجعلي أي أحد يشاركك في استعمال مستحضرات عينيك، فالبكتيريا الأليفة لشخص ما قد تكون متوحشة معك. وتزداد مخاطر التلوث عند استعمال المستحضرات المخصصة للاختبار في محلات التجميل ولاسيما إذا استعمل المستحضر نفسه أكثر من شخص. ولكن إذا شعرت أنه لابد من اختبار المستحضر قبل شرائه، فليكن ذلك بالاستعانة بأداة مخصصة للتوزيع يتم استعمالها مرة واحدة فقط ثم التخلص منها، على أن تكون نظيفة ومعقمة في كل مرة.
5 – تخلصي من الماسكرا بعد ثلاثة أشهر من شرائها.
6 – تخلصي من الماسكرا عند جفافها، لا تضيفي إليها الماء كي تلين، لأن ذلك قد يضيف إليها البكتيريا أيضا فضلا على أن الماء يخفف المادة الحافظة المسؤولة عن منع نمو الميكروبات والجراثيم في الماسكرا.
7 – تجنبي الإضافات اللونية الغير المصرح باستعمالها في محيط العينين مثل الأصباغ الدائمة للرموش والكحل، لذا احرصي على الاحتفاظ بالكحل بعيدا عن الأطفال، فالتقارير أثبتت أنه يسبب التسمم بالرصاص.
الأمان في المكان!
قد يبدو أنك تحافظين على وقتك الثمين عندما تضعين المكياج في السيارة، لكن اقلعي عن تلك العادة إن كنت تقدمين عليها أحيانا. قاومي ذلك الإغراء قدر الأمكان حتى وإن لم تكوني جالسة في معقد السائق. فإذا كان الطريق غير ممهد وصادف أن ارتفعت السيارة فجأة أو اصطدمت بسيارة أخرى، ربما يسبب ذلك إلحاق ضرر بالغ بالعينين بعصا الماسكرا أو بأية أداة أخرى تضعين بها المكياج. حتى الحك أو الكشط الخفيف قد يؤدي إلى إصابة خطيرة.
الأمان في الألوان!
لابد أن تشتمل مستحضرات التجميل على وجه العموم والمخصصة للعينين على وجه التحديد على قائمة بأسماء مكونتها. فمن حق المستهلك أن يكون على دراية دقيقة بكافة محتويات أي مستحضر من المستحضرات، حتى يتسنى لك تجنب مثل هذه المكونات إن كان حتما عليه. أو حتى يستطيع أن يقارن بين مكونات مستحضرات من إنتاج شركات مختلفة، مخالفة مثل هذه التعليمات تعرض المنتج إلى المساءلة القانونية. وفي الحقيقة تحتل المكونات اللونية قدرا كبيرا من الاهتمام عندما يتعلق الأمر بأمان المستحضر، وخاصة أن هناك العديد من الألوان الغير المصرح باستعمالها. وهي تسمى بالأصباغ الغير القانونية وتسبب أمراض خطيرة تمتد من التسمم إلى السرطان. وجدير بالذكر إن هناك عددا من الإضافات اللونية مصرح باستخدامها في الأغراض التجميلية على وجه العموم ولكنها غير مصرح باستعمالها أبدا في منطقة العينين.
احترسي من الكحل!
يعد الكحل أحد الإضافات اللونية المثيرة للجدل. وهو يستعمل لإضفاء المزيد من التحديد على العينين في العديد من البلدان لكن استعماله محظور في الولايات المتحدة الأميركية. ويتكون الكحل من مجموعة من الأملاح مشتقة من معادن ثقيلة مثل الأنتيمون والرصاص، وقد نعتقد أيضا أنه نظرا لانتشاره في بقاع عديدة من الأرض، فالكحل آمن، لكن في الحقيقة كشفت عدة تقارير الصلة الوثيقة بين استعمال الكحل والتسمم بالرصاص لدى الأطفال. وفضلا عن ذلك، لا يشتمل الكحل على قائمة بمحتوياته، الأمر الذي دفع هيئة الأغذية والدواء الأميركية إلى حظر استعمال الكحل في الولايات المتحدة الأميركية.
وجدير بالذكر أن بعض مستحضرات تجميل العينين تذكر أنها تحتوي على الكحل، ويكون المقصود اللون فقط أي الدرجة اللونية نفسها للكحل ولا يكون المقصود أنها تحتوي بالفعل على الكحل. في هذه الحالة عليك التأكد من قائمة المكونات التي يحتوي عليها المستحضر، للتأكد أن الإضافات اللونية مصرح بها من قبل هيئة الأغذية والدواء الأميركية، ثم تأكدي أن استعمال هذه الإضافات مسموح بالنسبة لمنطقة محيط العينين.
أصباغ الحواجب والرموش
تسبب الملونات والأصباغ الدائمة للرموش والحواجب أضرار جسيمة للعينين بما في ذلك العمى ومخاطرها معروفة منذ أكثر ستين عاما. وليس أن هناك أي إضافات لونية طبيعية أو تركيبية أقرتها هيئة الأغذية والأدوية الأميركية أو صرحت باستعمالها لصبغ الحاجبين والرموش. وقد أصدرت نشرات عديدة تحذر من الأصباغ التي تحتوي على قطران الفحم. فالأصباغ قد تسبب الحساسية أو العمى أو تؤدي إلى الوفاة، لذلك في العام 1938 تم حظر استعمال أصباغ الرموش في الولايات المتحدة حفاظا على صحة المرأة وخاصة أن الأصباغ قد تسبب الحساسية والورم والالتهاب ومن ثم انهيار مقاومة محيط العينين أمام أي عدوى، هذه الأمور جميعها تؤدي إلى العمى. ومن الواجب أيضا حظر استعمال أصباغ الشعر لتلوين الحاجبين أو الرموش حتى في صالونات التجميل، ولا يجب الخلط بين الأصباغ الدائمة وبين مستحضرات التلوين المؤقتة مثل الماسكرا، ظلال العينين، أقلام ضلال العيون، أقلام تحديد العينين التي تحتوي على ألوان غير مصرح باستعمالها على محيط العين من قبل هيئة الأغذية والدواء الأميركية.